ـ مراتب الدعوة إلى الله: للدعوة إلى الله مراتب هي: الأولى: الدعوة بالحكمة: وتكون لمن يريد الحق ويؤثره على غيره | ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: فإن هم أطاعوا لذلك —أي: شهدوا وانقادوا لذلك، وكفروا بما يعبد من دون الله- فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينهم وبين الله حجاب رواه البخاري |
وإذا قام الإنسان بالدعوة إلى الله بهذه الأصول تعرض للابتلاء والأذى، فعليه أن يصبر ويعفو ويستغفر، ويلين ولا يكون فظاً غليظاً؛ لئلا ينفِّر الناس.
11فانظر كيف جعل الله الرحمة لأولئك الدعاة الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر , وانظر كيف بدأ الله بذكر الدعوة قبل ذكر الصلاة والزكاة مما يدل على أهميتها | |
---|---|
قال الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب غفر الله له: "فيه أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم، وفيه التنبيه على الإخلاص، لأن كثيرا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه، وأن البصيرة من الفرائض لقوله: عَلَى بَصِيرَةٍ وأن من دلائل حسن التوحيد كونه تنزيها لله عن المسبة، وأن من دلائل قبح الشرك كونه مسبة لله، وفيه إبعاد المسلم عن المشركين ألا يصير منهم ولو لم يشرك" | ثنى صلى الله عليه وسلم بالأعمال بعد التوحيد لأنها لا تصح بدونه، فهو شرط لصحة جميع الأعمال، وفيه أن الصلاة أول واجب بعد الشهادتين، وأن المطالبة بالفرائض في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام، فإن حصل دعي إلى الصلاة وإلا لم يدع إليها، فإن الصلاة وغيرها من سائر الأعمال لا تصح بدون التوحيد |
ولا شك أن أعظم ما يدعو إليه الداعي هو ما كان في التوحيد وعبادة الله تبارك وتعالى، وما من امرئ يعتني بأمر التوحيد والدعوة إليه إلا ويعلي الله شأنه ويرفع قدره، إن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى هي الدعوة إلى توحيده والإيمان به وبما جاءت به رسله وذلك يتضمن الدعوة إلى أركان الإسلام وأصول الإيمان والإحسان بل الأمر بما أمر به والنهي عما نهى عنه ولا تتم إلا بذلك، وأول ما يبدأ به الدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى الشهادة كما كان شأن المرسلين وأتباعهم وكل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره، قال الله تبارك وتعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أي: هذه الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة لله وحده طريقتي ومسلكي، ودعوتي إلى الله وحده لا شريك له لا إلى حظ ولا إلى رياسة، بل إلى الله تبارك وتعالى أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ بذلك ويقين وبرهان وعلم مني به، أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي أي: ويدعو إليه على بصيرة أيضا من اتبعني وصدقني وآمن بي، والبصيرة: المعرفة التي يميز بها بين الحق والباطل ثم قال: وَسُبْحَانَ اللّهِ أي: أنزه الله وأعظمه وأقدسه وأجله عن أن يكون له شريك في ملكه أو نظير أو ند تقدس وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، ثم قال: وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أي: من المشركين في الاعتقاد والعمل، لست منهم ولا هم مني بأي نسبة كانوا، بحيث لا يعد منهم بوجه من الوجوه إن جلسوا في المجالس فليس منهم، وإن خرجوا إلى المحافل فليس منهم، فليس من المشركين في أي حال من الأحوال، وفيه وجوب الهجرة وهو معلوم بالكتاب والسنة، والنصوص في الدعوة إلى الله كثيرة، كقول ربنا جل جلاله: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقوله جل جلاله: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وهي واجبة على من اتبع نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى الله كما دعا إليه.
30ثم نبين حاجة الناس إلى ربهم، وحاجتهم للدين، ليسعدوا في الدنيا والآخرة | وللننظر إلى دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليه، تكالب عليها الأعداء منذ ثلاثمائة سنة تقريباً ولكنها باقية إلى يومنا تثمر ثمرات طيبة مباركة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهذه عاقبة من تمسَّك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبيل السلف الصالح في الدعوة إلى توحيد رب العالمين وتقديمه على كل شيء |
---|---|
ومطلق في الطبقات السادة والعبيد، والأغنياء والفقراء | أي: كلاما وطريقة، وحالة { ممن دعا إلى الله } بتعليم الجاهلين، ووعظ الغافلين والمعرضين، ومجادلة المبطلين، بالأمر بعبادة الله، بجميع أنواعها،والحث عليها، وتحسينها مهما أمكن، والزجر عما نهى الله عنه، وتقبيحه بكل طريق يوجب تركه، خصوصا من هذه الدعوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه، ومجادلة أعدائه بالتي هي أحسن، والنهي عما يضاده من الكفر والشرك، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر |
ومن جهد غير الرسول إلى جهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
2