و من الواضح أن هذه المؤسسات لا تتمكن من أن تلعب دوراً في الجانب الأخروي أبداً ، إذ ليست هي من قبيل الأمور الحسية التجريبية ، فهي خارجة عن نطاق فهم الإنسان و قدرته بالمرَّة | |
---|---|
هلك المال وجاع العيال، فادعُ الله لنا؛ فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة أي قطعة سحاب فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحاور على لحيته، فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد، حتى الجمعة الأخرى"، وتام ذلك الأعرابي أو غيره فقال: "يا رسول الله! ، وهذه القصص وأمثالها تدل دلالة ظاهرة على تأثير القرآن في النفوس، وأخْذه بمجامع القلوب، ولكن هذا التأثير قد لا يظهر لكل أحد، إنما يظهر لمَن كان له ذوق ومعرفة بأساليب الكلام وبلاغة |
هذا مضافا إلى أنه يجب أن يكون الإنسان بعد الانتخاب قادراً على السير في الطريق المنتخب ، و إلا فالنتيجة لا تحصل.
وقد استبعد أُناس وقوع انشقاق القمر وحاولوا تحريف معنى القرآن في ذلك، وقد أخطأوا خطًأ كبيرًا في هذا الإنكار؛ فالقرآن لا يتحمل المعنى الذي حرفوه إليه، والنصوص الثابتة الكثيرة من الأحاديث صريحة في انشقاقه انشقاقاً حسياً مشهودًا، ولا يقدح في ذلك ما زعمه بعضهم من كونه لم يُنقل في تاريخ غير ، فإن نقله في التاريخ الإسلامي كافٍ في ذلك، وقد جاء به القرآن الكريم، ولعل الناس الذين لم ينقلوه لم يشاهدوه، لعله وقع وهم نيام أو كانوا في النهار ولم يشعروا به، أو كان في تلك الساعة مانع من سحاب أو غيره، وقد أخبر المسافرون الذين قدموا مكة بمشاهدته وهو لم يستمر فيما يظهر وإنما كان آية شاهدها الناس ثم عاد إلى حاله الأولى | وعندما نتأمل النصوص القرآنية يمكننا أن نرّد على هذه الشبهة من وجوه: الأول: أن الله اختارهم بشراً لا ملائكة لأنّه أعظم في الابتلاء والاختبار، ففي الحديث القدسي الذي يرويه مسلم في صحيحه: إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك رواه مسلم 2865 |
---|---|
المثال الثاني: فإنه من أكبر الآيات؛ فلقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة إلى بيت المقدس، واجتمع هناك بالأنبياء، وصلى بهم، ثم عرج به جبريل حتى بلغ سدرة المنتهى فوق سبع سموات، وأوحى الله تعالى إليه ما أوحى، وشاهد صلى الله عليه وسلم من آيات الله الكبرى ما شاهد ومر بالأنبياء في كل سماء، ورجع إلى مكة، كل ذلك في ليلة واحدة، مع بُعد المسافة الأرضية بين مكة وبين بيت المقدس، ثم البعد العظيم بين السماء والأرض، وبين السماء وما فوقها إلى سدرة المنتهى، وقد أخبر الله تعالى في القرآن عن الإسراء في سورة الإسراء، وعن المعراج في سورة النجم إذا هوى | فوائد آيات الأنبياء ومعجزاتهم: إن الآيات التي جاء بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ذات فوائد كثيرة، نلم منها بما يلي: 1- بيان قدرة الله تعالى: فإن هذه الآيات لا بد أن تكون أمورًا خارقة للعادة، كشاهد دليل على صحة ما جاء به الرسل، وإذا كانت خارقة للعادة كانت دليلاً على قدرة الخالق، وأنه قادر على تغيير مجرى العادة التي كان الناس يألفونها، ولذا تجد المرء يندهش عند هذه الآيات ولا يمكنه إلا أن يصدق برسالة الرسول الذي جاء بها حيث جاء بما لا يقدر عليه أحد سوى الله عز وجل |
ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم، ما رواه البخاري وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: "عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة -إناء للماء- فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه فقالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ به ونشرب إلا ما في الركوة التي عندك، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قيل لجابر: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا! ونستطيع أن نلخص احتياج الإنسان إلى الرسالة فيما يلي : 1 - أنه إنسان مخلوق مربوب ، ولا بد أن يتعرف على خالقه ، ويعرف ماذا يريد منه ؟ ولماذا خلقه ؟ ولا يستقل الإنسان بمعرفة ذلك ، ولا سبيل إليه إلا من خلال معرفة الأنبياء والمرسلين ، ومعرفة ما جاءوا به من الهدى والنور.
24