أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-: واستغنوا بما أباح لكم من الطعام والشراب عما حرمه عليكم، فإنه ما من شيء ينفعكم من ذلك إلا أباحه لكم فضلا منه وإحسانا، وما من شيء يضركم إلا حرمه عليكم رحمة منه وامتنانا | |
---|---|
وأشار بالنهي المذكور إلى ما في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبر: «من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا»، وعن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته» | والعلة في النهي كراهة الرائحة وإيذاء المسلمين بها في المساجد، ولا شك أن للدخان أيضًا رائحة مستكرهة عند من لا يشربه، فيكره تعاطيه في المسجد للعلة المذكورة، كما يكره لأجلها غشيان المساجد لمن أكل الثوم والبصل ونحوهما من المأكولات ذات الرائحة الكريهة التي تبدو بالتنفس والجشاء ما دامت في المعدة، ويكره تعاطيه أثناء القراءة لكل من التالي والسامع؛ لتحقق العلة المذكورة فيهما، والكراهة لعارض لا تنافي حكم الإباحة في عامة الأحوال، وقول العمادي بكراهة استعمال الدخان محمول كما ذكره أبو السعود على الكراهة التنزيهية، وقول المزني الشافعي بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم، ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة |
فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة الحذر من كل ما حرم الله، والحذر من كل ما يضر دين العبد وبدنه ودنياه.
وينبغي أن تحمد الله تعالى أنك لم تصل إلى مرحلة إدمان الدخان والشعور بالمشقة في تركه ، وعليك أن تسارع بالتوبة والإقلاع عنه ، فليس فيما حرم الله تعالى مجال للتسلية ، وقد يعاقب العبد بتساهله في اقتراف الحرام باعتياده وإلفه والمداومة عليه بحيث يصعب عليه تركه ، نسأل الله العافية | |
---|---|
فعلى العباد أن يشكروا نعمته في الحالتين، فيتناولوا ما أباحه لهم فرحين مغتبطين، ويتجنبوا ما حرمه عليهم سامعين مطيعين |
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
13