تبارك الذي. (10) من قوله تعالى {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} الآية 61 إلى قوله تعالى {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا} الآية 67

فالليلُ والنهارُ هما زمنٌ، هما عمرُ الدُّنيا وعمرُ كلّ إنسان، عمره ليالي وأيّام معدودة أيّام الدنيا ولياليها معدودةٌ، وأيّامك أيّها الإنسان ولياليه ولياليك معدودةٌ، فعلى العبدِ أن يتدبَّرَ ويتفكَّرَ ويتذَّكرَ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: تبارك الذي بيده الملك
فالواجب أن يكون عملنا خالصا لله تعالى بلا رياء ولا سمعة ، وأن يكون على السنة بلا إحداث وبدعة ، وهذان شرطا العمل المتقبل ، فإن الله خلق الموت والحياة ليبتلي الناس أيهم أخلص لله وأتبع لرسوله صلى الله عليه وسلم رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد ـ ووافقه الذهبي

الْغَفُورُ عن المسيئين والمقصرين والمذنبين ، خصوصًا إذا تابوا وأنابوا ، فإنه يغفر ذنوبهم ، ولو بلغت عنان السماء ، ويستر عيوبهم ، ولو كانت ملء الدنيا.

28
القرآن الكريم/سورة الملك
قال: فهي المانعة تمنع من عذاب القبر، وهي في التوراة: سورة الملك ـ من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب
فضل قراءة سورة الملك
{إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} أي: ملازماً لأهلِها بمنزلةِ ملازمةِ الغريمِ لغريمِهِ
فضل قراءة سورة الملك
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً}
يقدس الرب تعالى نفسه ، ويعظمها ، وينزهها عن العيوب والنقائص ، فيقول جل وعلا : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ أي : تعاظم وتعالى ، وتقدّس وتنزه ، وكثر خيره ، وعم إحسانه ، الذي بيده ملك العالم العلوي والسفلي ، فهو الذي خلقه ، ويتصرف فيه بما شاء ، من الأحكام القدرية، والأحكام الدينية ، التابعة لحكمته وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ تبارَكَ اللهُ فَقَالَ : ارْتَفَعَ ، والمُتبارِكُ: الْمُرْتَفِعُ ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ : تبارَكَ تفاعَلَ مِنَ البَرَكة ، كَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ اللُّغَةِ ، وَمَعْنَى البَرَكة الْكَثْرَةُ فِي كُلِّ خَيْرٍ "
{وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} فالليالي والأيَّام من العمرِ فُرَصٌ لمن أراد لمن أراد أن يدركَ الفلاحَ والنجاحَ والنجاةَ، لمن أرادَ أن يكونَ من الشاكرين، لمن أرادَ أن يذَّكرَ أو أرادَ شكوراً

ثمّ ختمَ اللهُ السورةَ بذكرِ أوصافِ عبادِه المُخلَصين عباد الرحمنِ الصادقين، وصفهم بالعبوديَّة وهذه العبوديَّة هي مناطُ الشرفِ العبوديّة الخاصّة، وإلّا كلّ الناس كافرهم ومؤمنهم كلّهم عباد، عباد لله لكنَّ العبوديَّةَ العامّة الّتي ترجعُ إلى المُلكِ والقهرِ، أمّا هذهِ العبوديّة الخاصّة فترجعُ إلى الافتقارِ إلى اللهِ والانقيادِ لأمرِه وتحقيقِ عبادتِه، وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا إلى آخرِ السورةِ وهيَ سردٌ لصفاتِهم.

تفسير أول سورة الملك
وراجع لمعرفة فضل تلاوة سورة تبارك وملازمتها جواب السؤال رقم :
القرآن الكريم/سورة الملك
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ومن عظمته : كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء ، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة ، كالسماوات والأرض
Tajwīdī Qur'ān
ومن صفاتهم قيامُ الليلِ طويلاً، يبيتون لربِّهم سُجَّداً وقياماً أينَ هؤلاءِ ممَّن يبيتُ ليلَه على اللغوِ واللهوِ الباطلِ، لغو ولهو وغفلة، أو يبيتُ نائماً لا يذكرُ اللهَ ولا يقومُ لما فرضَ اللهُ عليه وما شرعَ له من فضائلِ الأعمالِ من صلاةٍ وتلاوة قرآنٍ وذكرٍ
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا أي : ليختبركم فينظر أيكم له أيها الناس أطوع ، وإلى طلب رضاه أسرع
وَالْعَمَلُ الأَحْسَنُ هُوَ الأَخْلَصُ وَالأَصْوَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَرْضَاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ، دُونَ الأَكْثَرِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ بِالأَرْضَى لَهُ ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلا ، دُونَ الأَكْثَرِ الَّذِي لا يُرْضِيهِ ، وَالأَكْثَرُ الَّذِي غَيْرُهُ أَرْضَى لَهُ مِنْهُ ؛ وَلِهَذَا يَكُونُ الْعَمَلانِ فِي الصُّورَةِ وَاحِدًا وَبَيْنَهُمَا فِي الْفَضْلِ ، بَلْ بَيْنَ قَلِيل أَحَدهمَا وَكَثِير الآخَرِ فِي الْفَضْلِ : أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " وقال السعدي رحمه الله : " أي : أخلصه وأصوبه ، فإن الله خلق عباده ، وأخرجهم لهذه الدار ، وأخبرهم أنهم سينقلون منها ، وأمرهم ونهاهم ، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره ، فمن انقاد لأمر الله وأحسن العمل، أحسن الله له الجزاء في الدارين ، ومن مال مع شهوات النفس، ونبذ أمر الله ، فله شر الجزاء " انتهى من " تفسير السعدي " ص 875

سبحان من خضعت لعظته الرقاب و دان الجميع لحكمه و حكمته و قدره و قدرته.

25
القيم المستفادة من سورة الملك
} الآيات، كرَّرَ تعالى في هذهِ السورةِ الكريمةِ قولَهُ: {تَبَارَكَ} ثلاثَ مرَّاتٍ؛ لأنَّ معناها كما تقدَّمَ أنَّها تدلُّ على عظمةِ الباري وكثرةِ أوصافِهِ، وكثرةِ خيراتِهِ وإحسانِهِ، وهذهِ السُّورةُ فيها مِن الاستدلالِ على عظمتِهِ وسَعَةِ سُلطانِهِ
Holy Quran
وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي له العزة كلها، التي قهر بها جميع الأشياء ، وانقادت له المخلوقات
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده
فهو سبحانه عزيز غالب ، ينتقم ممن عصاه وشرد عليه ، وهو الغفور الرحيم ، يغفر لمن شاء من عباده المسيئين المقصرين ويرحمهم