المدرس الخصوصي. المدرس الخصوصي : ماله وماعليه

وجميع المدرسين حالياً في العالم العربي ماعدا السعودية ، وبقية دول الخليج التي تدفع للمدرس الوطني راتباً كافياً ولله الحمد لايحصلون على راتب يسـد حاجتهم ، وجميع المدرسين في العالم العربي ماعدا دول الخليج يعملون أعمالاً غير التدريس لسد حاجتهم ، وعندما تتوفر لهم الدروس الخصوصية لايتركونها ، فهي أسهل وأفضل الأعمال عندهم أما إذا وصل إلى الفصل الدراسي الثاني في الصف الثالث الثانوي حيث امتحان الوزارة ، يفشل هذا الطالب في اجتيازه ، لأنه يستحيل معرفة الأسئلة قبل ساعة الامتحان كما تعود هذا الطالب
ومما يؤسـف له أن بعض الأمهات تجبر أزواجهن على إحضار المدرس الخصوصي لأولادهن مباهاة وتقليداً لجارتها أو أختها أو زميلتها ، ولأن معظم المدرسين الخصوصيين يهمهم إرضاء التلميذ كي يقدم هذا التلميذ تقريراً طيباً عنه لوالدتـه ؛ فيستمر هذا المدرس في عمله ؛ لذلك يصبح المدرس منفذاً لرغبات التلميذ ومزاجه ، هذا ندرسـه ، وهذا لاندرسـه ، واليوم ندرس وغداً نعطل الدكتور خالد أحمد الشنتوت دكتوراة في التربية و42 عاماً في التعليم العام ـ بين عام 1402 ـ 1406 حضّرت ماجستير في التربية من كلية التربية بالمدينة المنورة ، وكنت أجد أحد عمال النظافة االبنغاليين عند سيارتي ، حين خروجي من الكلية ، فأصحبه معي إلى الحرم ، ومرة بعد مرة كنت أكلمة بالانجليزية ، هل تصلي ، وكيف تصلي ، وما أشبه ذلك ، فلاحظت أنه يتكلم الانجليزية بشكل جيد ، وعندها تعجبت من عامل نظافة بنغالي يتكلم الانجليزية بمستوى جيد ، فسألته عن سرذلك ، فاحمر وجهه خجلاً وقال لي : أنا جامعي في بلدي ، ولغة الدراسة في الجامعة عندنا هي الانجليزية ، ثم استطردوقال : راتبي هنا كعامل نظافة 600 ريال سعودي ، يعادل ثلاثة أضعاف راتبي هناك كجامعي

وهكذا بدأت هذه الأسرة بالعناية الزائدة والمباهاة ، ووصلت إلى القضاء على ولدها تماماً ، وجعلت منه مواطناً جاهلاً فاشلاً في كل شيء.

26
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
ومما زاد في الطلب على المدرس الخصوصي : أ ـ اشتراط معدلات معينة لقبول الطلاب في المرحلة الثانوية العامـة ، حيث لايقبل الطالب الناجح من المرحلة المتوسطة إلى الثانوي العام إلا بمعدل يزيد عن 60% أو أكثر ، وإلا يجبر على الالتحاق بالتعليم الفني الزراعي ، أو الصناعي ، أو التجاري ، وغيرها من التعليم المهني ، أو يلتحق بالمدارس الأهلية ويدفع لها رسوم الدراسـة ؛ لذلك يلجأ كثير من الآباء إلى دعم أبنائهم بدروس خصوصية خلال العام الثالث من المرحلة المتوسطة ، كي يحصل ولده على معدل يمكنه من دخول الثانوي العام
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
والطريقة الثانية مثل وضع أسئلة التوجيهية على مستوى إدارة التعليم ، وليس الوزارة ، وعندئذ تطلب إدارة التعليم من جميع مدرسي الرياضيات للصف الأول الثانوي مثلاً إرسال نموذج أسئلة من كل واحد منهم ، ثم تنتقي سـراً أحدها ، وتوزعـه على جميع الثانويات قبيل الامتحان ، ويساعد الحاسوب الآن ، وفيه بنوك للأسئلة جاهزة
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
وفي كثير من بلدان الخليج العربي تدفع بعض المدارس الأهلية 1500 ـ 2000 ريال سعودي فقط للمدرس صاحب الخبرة ، أما الجديد المتعاقد فلا توظفه ، لأن الطلب على المدارس الأهلية من قبل المدرسين المستغنى عنهم في المدار س الحكومية ، ومن قبل المدرسين القدامى في بلاد الشام ومصر ، مرتفع جداً ، وبسبب ارتفاع المعيشة في تلك البلدان وانخفاض الأجور وتفشي البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة ، وانخفاض العملة في تلك البلدان ؛ يصبح مثل هذا الراتب 1500 ـ 2000 ريال سعودي حلماً وردياً عند الكثير من المدرسين
والأمين الذي يسعى وراء الكسب الحلال ، فيضع ذلك نصب عينيه ، فلا يغـش الطالب ، وأفضل الحالات أن لايدرس المدرس أحداً من طلابه في الفصل ، ويفضل حتى أن لايدرس أحداً من طلاب المدرسـة كلها ، ولو درس طلاباً من خارج مدرسـته لكان أفضل وأقرب إلى النـزاهـة ؟ ولو حصل التقصير ، أيكون راتبـه حلالاً! د ـ في حالات نادرة كأن يكون الطالب بطيء التعلم ، ولايمكن أن يستفيد مع الفصل ، أو أن الطالب مرض وانقطع فترة عن المدرسة ، يعوض المدرس الخصوصي للطالب مافاته ، ويلحقه بزملائه
لكن هذا كله لايكفي لجميع الطلاب ، وسنجد في فصله الذي فيه 40 طالباً ، سنجد 7 طلاب تقريباً لايفهمون المنهج كاملاً عن المدرس ، ويحتاجون مدرساً آخر ، وتفسير ذلك إمكاناتهم الذهنية البطيئة في التعلم ، وامكانات المدرس الضعيفة أحياناً وعلى المدرس القوي الأمين عندما يلاحظ أن الأسرة أتت به للمباهاة فقط ، يشرف على الطالب إشرافاً فقط ، ويزرع فيه فضيلة الاعتماد على الذات ،ولايميتها عنده ، بل ينميها لـه ، وهذا هو لـب التعليم ، وأصل التربية ، وربما عوده على تعلم مزيداً من المعلومات زيادة عن المنهج ، ليتفوق الطالب في الفصل ، ويصير من الأوائل

وتموت عند هذا الطالب خصلة الاعتماد على الذات ، وينمو اتكالياً على الآخرين ، هشـاً لينـاً لايقاوم متاعب الحياة وتقلباتهاالكثيرة.

المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
وكيف ذهب المال الحرام مع أهلـه ، وكيف يبارك الله في القليل الحلال ، وينميـه في الدنيا والآخرة
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
ثانياً : بالنسبة للمدرس : يسعى معظم مدرسي الدروس الخصوصية إليها حلى حساب أوقات راحتهم ، بسبب دخلهم المحدود الذي لايسـد حاجاتهم الضرورية المتزايدة يوماً بعد يوم ، ومعظم المدارس الخاصة تدفع أجراً للمدرس وهي متأكدة أنه لايكفيه ، وكأنها تفترض أساساً أنـه سيكمل هذا الراتب القليل بالدروس الخصوصية
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
وتعرفت على التلاميذ وأحوالهم ، ومايصلحها ، ومايفسدها ، وأحسب أن من أهم القضايا في المدارس الأهلية خاصة ، وفي التربية المعاصرة عامة قضية المدرس الخصوصي ، فماهي هذه القضية! حتى إذا صار هذا الطالب في الثانوية ، تفتح خزانة والده الثري على مصراعيها لتدفع منها أمـه لمدر س الرياضيات ، ومدرس الفيزياء ، ومدرس القواعد ، ومدر س الانجليزية
وما حصل عليه من أجر سيبارك فيه الله عزوجل في الدنيا والآخرة
حتى إذا كبر كان رجلاً فاشلاً في المجتمع كما يؤكد عليه إعداد دفتر الحصـة والاهتمام بـه ، وترتيب حقيبته اليومية ، وسجل الواجب المنزلي ، وحتى الواجبات الصعبة التي يقف مثل هذا الطالب أمامها عاجزاً يحلها المدرس على دفتر خاص بالبيت ، ثم ينسخها الطالب على دفتر المدرسة ، وهذا أضعف الإيمان

ويفرح هذا المدرس عندما يلاحظ أن طالبه سيستغني عنـه ، لأنـه صار يعتمد على نفسـه ، يفرح هذا المدرس لأنه انتصر على الجهل أكبر أعداء الإنسان ، وأصلح إنساناً وخلصه من أخطر الأمراض وهو الاتكالية وعدم الثقة بالذات.

المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
إلخ هذا كله غير أقساط المدرسة الأهلية
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
والمدرس مكلف قبل كل شيء بتنفيذ المنهج المقرر ، وعليه أن يسير بسرعة متوسطة تلائم الطالب العادي ، يستطيع أن يعيد الشرح مرتين أو ثلاثة خلال الفصل الدراسي
المدرس الخصوصي : ماله وماعليه
كما اكتشفت أن بعض الطلاب يكتب خلال الحصة بخط رديء جداً ، وخطه في دفتر الواجب أجود بكثير من خطه في الحصة ، ومن خلال الممارسة تأكد لي أن بعض المدرسين الخصوصيين يكتب للطالب بيده في السنوات الأولية الثلاث ، مما يجعل خط هذا الطالب سيئاً طوال حياته