توحيد الربوبيه. الوحدة الثانية: توحيد الربوبية

ثم قال تعالى: أَمْ خَلَقُوْا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوْقِنُوْنَ؟ أي أهم خلقوا السماوات والأرض؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له، أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُوْنَ ؟ أي أهم يتصرّفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُوْنَ ؟ أي المحاسبون للخلائق، بل الله عزّ وجلّ هو المالك المتصرف الفعّال لما يريد وتأمل كذلك النجوم الزاهرة التي زين الله بها السماء الدنيا، فقال سبحانه وتعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
وإذا رأت النحل بينها نحلةً مهينةً بطالةً قطَّعَتْها، وقتلتها؛ حتى لا تفسد عليهن بقيةَ العمال، وتُعْديهِنَّ ببطالتها ومهانتها ومن اللطائف الأخرى، قالوا: حدث أن مطبعة انفجرت، فطارت الحروف والأوراق ولصقت بالورقة وأخرجت لنا رسالة أو قصيدة جميلة جدًّا، وهذا حدث مصادفة، قالوا: لا يمكن أبدًا، فيقال: إذا لم يمكن هذا في ورقة وفي رسالة صغيرة، فكيف بهذا الكون العظيم البديع الذي دبّره الله سبحانه وتعالى؟ ثالثًا: نداء الفطرة الفطرة في اللغة هي الخلقة، أما في الشرع فهي الإسلام على القول الراجح

وأمّا القسم الأخير فيشار إليه بأنه: الإنشائي الطلبي، وهو توحيد القصد والإرادة الذي دعت إليه الرسل، ومن أجله أنزلت الكتب، وقد أبى المشركون قبوله والاعتراف به.

19
2 من أهم خصائص توحيد الربوبية
ويقسم قُس بالله قسمًا لا إثم فيه أن لله دينًا هو أرضَى له وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكرًا
الوحدة الثانية: توحيد الربوبية
الفرق بين توحيد الألوهية والربوبية
ليس للأحد جمع ولكن إن جعلته جمع الواحد آحاد فهو محتمل كشاهد وأشهاد
وقوله تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ يقول تعالى آمرًا عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته: أَفَلَا يَنْظُرُوْنَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ؟ فإنها خلق عجيب وتركيبها غريب، وهي في غاية القوة والشدّة، وهي مع ذلك تنقاد للقائد الضعيف، وتؤكل وينتفع بوبرها ويشرب لبنها، ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل، وكان شُريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت! فتأمل تلك الكواكب العظيمة، التي تفوق حجم الأرض آلاف المرات، بل قد تبدو الأرض بالنسبة لها كحبة الرمل، ولا شك أن عظمتها تدل على عظمة الله سبحانه 17
وتحدّث أيضًا عن هداية النمل قائلًا: وهدايتها من أعجب شيءٍ؛ فإن النملةَ الصغيرةَ تخرج من بيتها وتطلب قُوْتَها، وإن بعدت عليها الطريق، فإذا ظفرت به حملته، وساقته في طرق معوجة بعيدةٍ ذاتِ صعودٍ وهبوطٍ في غاية التوعر، حتى تصلَ إلى بيوتها فتخزّن فيها أقواتها وقت الإمكان، فإذا خزّنتها عمدت إلى ما ينبت منها ففلقته فلقتين؛ لئلا ينبت، فإن كان ينبت مع فَلْقِهِ باثنتين فَلَقَتْه بأربع، فإذا أصابه بلل، وخافت عليه العفن والفساد انتظرت به يومًا ذا شمس، فخرجت به فنشرته على أبواب بيوتها، ثم أعادته إليها، ولا تتغذى منه نملة مما جمعه غيرها

والواحد في صفة الله معناه أنه لا ثاني له.

8
المبحث الثاني: إنكار الربوبية
الموقع الرسمي للشيخ محمد صالح المنجد
وهم في الحقيقة لم يزيدوا على أن سموا الله بغير اسمه، بحيث ألهوا الطبيعة، ونعتوها بنعوت الكمال التي لا تليق بأحد إلا الله — عز وجل — فقالوا: الطبيعة حكيمة، الطبيعة تخلق، إلى غير ذلك
اثبات توحيد الربوبية
ويقول تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ