المسيحي في العصور الوسطى مرة ناحية أضحى- وعلينا أن نفرق بين ما أضافه المسلمون أنفسهم إلى هذا التراث وما أضافه غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى ، لأن زمام الطب الإسلامي كان بأيدي اليهود | ويكفي مثلا أن أحد أساقفة كتدرائية أوتونAutun تساءل " كيف يمكن تنقية الروح وتهذيب النفس عن طريق قراءة حروب طروادة وجدل أفلاطون وأشعار فرجيا، وغيرهم من الوثنيين الذين يصلون الآن نار جهنم ومن الواضح أن هذا التساؤل كان في أواخر النشرة المظلمة من العصور الوسطى، عندما بدأت تتردد على مسامع الغربيين أسماء بعض أعلام العصر الوثني |
---|---|
ومن هؤلاء : شكسبير ، أديسون، بايرون ، سودى ، كولردج ، شيلي من أدباء الإنجليز، ومن أدباء الألمان ، جيته ، هرور، وليسنج، ومن أدباء فرنسا : فولتير، لافونتين | هذا فضلا عن كتب أخرى في الطب للرازي واسحق بن سليمان وغيرهما |
ويشكّل الإيمان الوعي الجماعي للمجتمع الذي تقوم عليه ، فلكل دائرةٍ حضاريةٍ نظرياتها المعرفية المحددة لخصائصها الجوهرية والتي تمنحها الهوية الثقافية والاجتماعية المتميزة.
تم كان أن خرجت حملة كبيرة من مسلمي الأندلس بقيادة عبد الرحمن الغفقي لغزو جنوب غاليا- أو فرنسا- سنة 732، فعبر المسلمون جبال البرانس واستولوا على بوردو، وواصلوا زحفهم شمالا حتى تصدى لهم شارل مارتل في موقعة بلاط الشهداء تور أو بواتييه ، وهي الموقعة التي انتهت بمقتل عبد الرحمن وارتداد رجاله 80 | كذلك يلاحظ أننا عندما نشير إلى مؤلفات العرب وعلومهم، فإننا لا نعني أن كان هذه المؤلفات،والعلوم ذات أصول عربية بحتة، أو أن كل ما فيها من معارف جاء من خلق علماء المسلمين وابتكارهم |
---|---|
ومن الطريف أن نذكر أن البابوية نفسها- في مرحلة معينة- أخذت ترعى مبدأ تعليم وتعلم اللغة العربية في كثير من الجامعات الأوربية الناشئة، بهدف إعداد فريق من المنصرين ورجال الإرساليات والبعثات التنصيرية، لإرسالهم إلى البلاد العربية في محاولة لرد أهلها عن الإسلام وإدخالهم في حظيرة النصرانية | ولم يخل بلاط ملك من الملوك أو حاكم من الحكام- في العصور الوسطى بالذات- من منجم يحدد له أنسب الأوقات لتحركاته الكبرى، من حروب ومشاريع وغيرها |
وربما كان معناها العام أيضاً: طريقة الإنسان في الحياة، أو مجموعة أفكاره عنها، وأعني بالحياة: الأعمال اليومية التي يمارسها الإنسان في معيشته، ففكرته عنها ونظرته إليها يكيف سلوكه فيها ويحدد طريقة تصرفه في أعماله.
كان ما في الأمر هو أن هذه المعارف والعلوم افلت تستخدم قاعدة وأساسا للعلم والتعليم دون أن يجهروا بذلك، ودون أن يربطوها بأصحابها من أئمة الفكر الإسلامي إلا مضطرين | وعلينا ألا ننسى أن الشرارة الأولى للحروب الصليبية انطلقت س أسبانيا قبل أن تتعدد ميادين هذه الروب وتمتد إلى الشرق |
---|---|
ومن هذه الآثار الباقية نبتت مدرسة الطب في سالرنو ومدرسة القانون في بولونا | ونشطت حركة التوسع الإسلامي في جنوب فرنسا بعد وفاة الإمبراطور شارلمان سنة 814 م، فتوغل المسلمون في إقليم مصب الرون حتى وصلوا إلى آرل ونواحيها |
ذلك أن حكام صقلية الجدد من النورمان بهرهم بريق الحضارة الإسلامية، وأعجبوا بما حققه المسلمون من إبداع حضاري، فحرصوا على الاحتفاظ بالجالية الإسلامية في الجزيرة ورعاية أفرادها، وحثوهم على مواصلة نشاطهم الحضاري في شتى الميادين الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وتركوا لهـم حرية العبادة ليشجعوهم على البقاء والإنتاج.
29