وكما تعرفنا هنا، فتوجد فروق جوهرية كما حددها علماء العقائد وعلماء الفقه الإسلامي، لذلك على المسلم ان يكون عالماً بهذه الفروق وأن يكون موحداً لله تعالى لا شريك له سواء الربوبية أو الألوهية | وقال الجوهري: "أبدعت الشيء، اخترعته لا على مثال" |
---|---|
وهذا القسم من التوحيد هو الذي ضلت فيه بعض الأمة الإسلامية وانقسموا فيه إلى فرق كثيرة؛ فمنهم من سلك مسلك التعطيل، فعطل، ونفى الصفات زاعمًا أنه منزه لله، وقد ضل، لأن المنزه حقيقةً هو الذي ينفي عنه صفات النقص والعيب، وينزه كلامه من أن يكون تعمية وتضليلًا، فإذا قال: بأن الله ليس له سمع، ولا بصر، ولا علم، ولا قدرة، لم ينزه الله، بل وصمه بأعيب العيوب، ووصم كلامه بالتعمية والتضليل، لأن الله يكرر ذلك في كلامه ويثبته، ، ، ، فإذا أثبته في كلامه وهو خال منه؛ كان في غاية التعمية والتضليل والقدح في كلام الله- عز وجل-، ومنهم من سلك مسلك التمثيل زاعمًا بأنه محقق لما وصف الله به نفسه، وقد ضلوا لأنهم لم يقدروا الله حق قدره؛ إذا وصموه بالعيب والنقص، لأنهم جعلوا الكامل من كل وجه كالناقص من كل وجه | قال الخليل: "البَدْع إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق، ولا ذكر، ولا معرفة |
مثال ذلك: الصلاة؛ ففعلها عبادة، وهو التعبد، ونفس الصلاة عبادة، وهو المتعبد به.
25الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية إن من الفروق التي ذكرها علماء بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية أن توحيد الألوهية معناه اللغوي من التألُّه وهو التعبّد، بينما الربوبية معناها مشتقٌّ من الرب، فيُقال: رب كل شيء؛ أي مالكه، وبينما يتعلق توحيد الربوبية بأفعال الله -تعالى- مثل: الخلق، والتدبير، والرزق، والضر، والنفع، فالله -سبحانه وتعالى- مختصٌّ بتلك الأفعال، ولا يستطيع غيره أن يقوم بها، بينما نجد توحيد الألوهية متعلقاً بأفعال العباد وتعبّدهم لله، بحيث يوجّهون أفعالهم لله -تعالى- ولا يصرفونها إلى الأصنام أو غيرها، وقد يكون توحيد الألوهية ظاهراً متعلقاً بالعبادات الظاهرة، مثل: الصلاة، والحج، وسائر العبادات، كما يُمكن أن يكون توحيد الألوهية متعلّقاً بالأفعال الباطنة، مثل: الرجاء، والاستغاثة، والتوكّل | ، لكن الشرك لا يستلزم أصل التعطيل، بل قد يكون المشرك مقراً بالخالق سبحانه وصفاته، ولكنه عطل حق التوحيد |
---|---|
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات:وهو إفراد الله- عز وجل- بما له من الأسماء والصفات | من أنكر توحيد الربوبية :وأنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس، حيث قالوا: إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين، فهم يقولون: إن النور خير من الظلمة؛ لأنه يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر |
ويقولون أيضًا بفرق ثالث، وهو: أن النور قديم على اصطلاح الفلاسفة، واختلفوا في الظلمة، هل هي قديمة، أو محدثة؟ على قولين.
8عناية الأم بأولادها عبادة أضرب مثلاً منتزعاً من واقع الحياة: امرأة، أولادها عندهم مدارس، ولا بد أن تستيقظ مبكرةً لإيقاظهم، والعناية بهم، والتأكد من أنهم قد أخذوا دفاترهم، وواجباتهم، وما يحتاجونه إلى المدرسة، وتودعهم إلى الباب، هذا عملها الذي هو عبادة تقوم بها، فلو أن هذه المرأة تركت هذا العمل، وقامت الليل كله تصلي، وتبكي، وتتقرب إلى الله، فلما صار الفجر صلت ركعتين ثم أيقظت الأولاد، وقالت لهم : إلى المدارس أسرعوا، وأخذها التعب، أخذ منها كل مأخذ فخلدت إلى النوم وتركت أولادها دون عناية، لا أقول : إن الله لا يقبل عبادتها، هذا القبول من الله عز وجل، لكن أقول : إنها جانبت الصواب لأن الله عز وجل أمرها بأمر وهو رعاية الزوج والأولاد، ففي وقت الأولاد الوقت للأولاد، هذا كله بعد أداء الفرائض، نتحدث عن النوافل، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يقوم ليصلي الليل، قيام الليل هل هناك أعظم من هذا! مثال على الشرك في الربوبية، حرص الدين الاسلامي على توضيح الكثير من امور الدين والتي يجب على المسلم اتباعها كونها من الاشياء التي يحاسب عليها في حال قام بفعلها، مثل الشرك بالله وهو من السبع الموبقات | فلابد من الإيمان بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز، ولكن من غير تكييف، ولا تمثيل، وهذا النوع من أنواع التوحيد ضل فيه طوائف من هذه الأمة من أهل القبلة الذين ينتسبون للإسلام على أوجه شتى: منهم من غلا في النفي والتنزيه غلوّاً يخرج به من الإسلام، ومنهم متوسط، ومنهم قريب من أهل السنة |
---|---|
الباطل إلى زوال بينما بَطَلَ يَبْطَلُ، زَهِقَ يَزْهَقُ، زَاْلَ يَزُوْلُ، فالباطل زهوق أي سريع الزوال، ليس له أثر، ليس له مفعول، بينما الحق شيء ثابت فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ الحق ليس لفلان ولا لفلان من البشر هذا علموه يوم القيامة، أما المؤمنون فيعلمون أن الحقَّ لله في الدنيا، نحن نعلم أن الحق لله قبل أن يأتي يوم القيامة علماً يقينياً، الحق لمن ؟ لله تعالى، فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ضَلَّ عَنْهُم : تهاوى مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ في الدنيا، الفِرَى: هي الاختلاقات الكاذبة التي لا أصل لها، ما معنى افتراء ؟ تقول : إنسان كذب، قد يكون أصل الموضوع صحيح لكنه أضاف عليه وغيّر فيه، فهذا كذب، أما الفِريَة أو الافتراء فأن يأتي بشيءٍ لا أصل له، لم يحدث أبداً، يفتريه افتراءً من عنده، فعندما يدّعي شخصٌ أنّ لله شريكاً فهذا ليس كذباً فحسب هذه فرية، هذا افتراء على الله، وأعظم الآثام : اليوم الافتراءات كثيرة لما رتب الله تعالى المعاصي ترتيباً تصاعدياً قال في نهايتها : وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ وقال بعضهم : لأن يرتكب العوام الكبائر خيرٌ من أن يقولوا على اللَّهِ ما لا يعلمون، فهؤلاء كانوا يفترون الكذب، يفترون الكذب على الله، فلما جاء يوم القيامة، واتضحت الأمور أمام الناس جميعاً، وعلموا أن الحق لله تعالى ضلّت عنهم كل الحجج الواهية التي كانوا يستعينون بها، ويقيمون لها وزناً، ضلت عنهم، لم يعودوا يستطيعون التمسك بها، ولا الاحتجاج بها، لأن الحق أصبح واضحاً للعيان، وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ في الدنيا من الفِرى الكاذبة، هذا للمشركين في مكة، اليوم عندنا من الافتراءات والنظريات والاحتجاجات الباطلة الكثير، فلما يقف الخلق بين يدي الله عز وجل يوم القيامة، ويعلم الجميع أن الحق لله عندها ضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ | والى هان فقد وصلنا الى الاجابة الصحيحة على سؤال مقالتنا هذه التي نُقدمها بين يديك عزيزي الطالب، وكنا قد أرفقنا بين أيديكم الاجابة الصحيحة بعنوان كيف يستدل بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية |
وعلينا أن نستسلم، وأن نقول: سمعنًا، وأطعنا، واتبعنا، وآمنا؛ فهذه وظيفتنا لا نتجاوز القرآن والحديث.